يكاد البطيخ الأحمر (الدلاح) يغطي على الفواكه الأخرى لمدة طويلة، حيث يمكث في الأسواق لمدة تفوق الثلاثة أشهر، كما يملآ أرجاء المدن وجنبات الطرق، ويحظى البطيخ الأحمر بإقبال مفرط. ورغم حجمه الكبير ووزنه، فهو يدخل كل المنازل، ولا يمكن ألا يوجد على الموائد في فصل الصيف، وربما لا يمكن أن يمر الناس بمحلات بيعه، التي تنتشر في كل الأحياء والأزقة، بدون أن لا يشتروا منه ولو حبة واحدة، ويختلف البطيخ الأحمر عن الفواكه الأخرى من حيث الشكل، ومن حيث طريقة الاختيار، ومن حيث تقطيعه واستهلاكه، ربما يصعب استهلاك هذه الفاكهة بدون سكين، ويستدعي طريقة لتقطيعه، وطريقة لاختياره، من حيث لا يتم البيع إلا لما تقطع منه قطعة صغيرة، ليعرف هل هو في تمام النضج أم لا، وهذه الطريقة لا يقبلها كثير من الناس، خصوصا سكان البوادي، لأنها تبين جهل الشخص لاختيار البطيخ، ولأن البطيخ لما يفتح بالسكين يكون حمله صعبا، نظرا لخروج الماء، وقد يلطخ كل المشتريات. وهناك من لا يقبل هذه الطريقة، خصوصا الذين يعرفون كيف يتعاملون مع البطيخ، والذين يعرفون كيف يختارون، فطريقة الاختيار صعبة شيئا ما على عامة الناس.
يحتوي البطيخ على نسبة من السكر، قد تتراوح بين 30 و 50 في المائة من المواد الصلبة، ويمثل سكر المطبخ (sucrose) أعلى نسبة من السكريات الموجود في البطيخ، وهذا التركيز يجعل استخراج السكر على شكل مركز ممكن، حيث يبخر الماء بالحرارة، ليتم الحصول على مركز من السكر، كما يمكن صناعة المربى من البطيخ الأحمر بسهولة، نظرا لنسبته المرتفعة من السكر. ولعل المذاق الحلو هو الذي جعل البطيخ يحظى بإقبال الناس عليه، وكذلك سهولة استساغته.
وهناك بعض خصائص البطيخ الأحمر الغذائية التي أصبحت متداولة بين الناس، كما أن هناك معلومات صحية تروج على كثير من المواقع والأوساط الإعلامية، لكن ليس كل ما يسمع ويقال صحيح، وليست هذه المعلومات كما قد يظن الناس، ولذلك أخرنا هذه النصائح لكي نصحح كثيرا مما راج حول البطيخ الأحمر، إن كان عن السكريات والفايتمينات والأملاح فكل الفواكه تشترك في هذه المركبات، وقد بدأ يترسخ لدى الناس أن البطيخ الأحمر يعالج الكلية، ويزيل الماء من الجسم، وهذه المقولة فيها تهمة من الحقيقة، لكن لا ترقى إلى العلاج كما قد يظن كثير من الناس.
من المكونات القوية في البطيخ الأحمر والتي لا توجد بنفس النسبة في الفواكه الأخرى، نجد مركبي السيترولين Citrulline والأرجنين Arginine وهي حمضيات أمينية تساعد على إخراج الماء من الجسم، وتزيل العياء وبذلك يكون البطيخ الأحمر أحسن من الموز بالنسبة للرياضيين، وتوجد السيترولين على شكل Citulline malate في الصيدليات على شكل عقار. وتوجد هذه المركبات في البطيخ الأحمر بنسبة عالية، ولها قوة في تنشيط إفراز البول في الكبد. لكن هذه المعلومات لا تعني أن البطيخ يعالج أمراض الكلي، فالربط بين الأمرين ليس بهذه السهولة.
ويعيد البطيخ الأحمر للجسم ما فقده من السوائل، كما يحافظ على توازن الماء، ويعد من الفواكه التي تساعد الرياضيين على استرجاع ما ضاع من الماء والأملاح المعدنية، وتعيد ترميم الجسم بعد جهد كبير. ويمتاز البطيخ بترطيب الجهاز الهضمي، لكونه يحتوي على ألياف غذائية، وأملاح معدنية، ومواد مضادة للأكسدة، ويزيل الحرارة من الجسم خصوصا في فصل الصيف، ليكون الفاكهة المنعشة والتي تستهلك في الحرارة المفرطة، ولا يزال البطيخ يستهلك حتى يخرج الرمان إلى السواق، ويتزامن مع التين الشوكي.
ومن المركبات القوية في البطيخ والتي تكاد تقتصر على البطيخ والطماطم مادة اللايكوبين Lycopene وهو كاروتنويد لونه أحمر وهو الذي يعطي اللون الأحمر لكل من البطيخ والطماطم، وتمتاز مادة اللايكوبين بخاصيتها المضادة للأكسدة، وتمتص الجذور الحرة على مستوى القولون لتحول دون الإصابة بسرطان القولون، ويعزى كذلك لهذا المكون قوته في كبح سرطان البروستيت. ويفسر بعض الباحثين هذا الحادث بكون اللايكوبين تمنع الخلايا السرطانية من النمو لتصل إلى حجم تورمات.
وبما أن البطيخ الاحمر يحتوي على كمية جيدة من اللايكوبين الذي يمتص الجذور الحرة في جسم، ويحول دون تأكسد الكوليستيرول الحميد، فهو مرشح ضمن الفواكه التي تساعد على إزالة السموم من الجسم (Cleanse)، وكل متراكمات الاستقلاب، ومن افضل أن يستعمل مع نظام غذائي معين ليعطي نتائج مفيدة، ويعتبر البطيخ من الفواكه التي تمتاز بمؤشرات السكري العادي، رغم احتوائه على نسبة عالية من السكريات، من حيث لا يسبب أي خطر على المصابين بالسكري، إذا ما استهلكه المصاب في حدود وبدون إفراط، وألا يكون مع مواد تحتوي على سكريات في وجبة واحدة. . ويضاف مفعول اللايكوبين إلى مفعول الفايتمين C والفايتمين A، وهي فايتمينات مضادة للأكسدة كذلك، ليكون البطيخ من أغنى المواد الغذائية بالمضادات للأكسدة. ويحتوي كذلك على كميات لا يستهان بها من الفايتمينB6 والفايتمين B1، وهي الفايتمينات التي تساعد على الاستقلاب، وإنتاج الطاقة من المواد الحرارية، وهي فايتمينات ضرورية للمصابين بالسكري، ويحتوي على نسبة مهمة من المغنيزيوم والبوتسيوم، وهي الأملاح التي تساعد على خفض الضغط الدموي، وكذلك توازن السوائل بالجسم.
وربما يسمع الناس بأهمية وفائدة البطيخ الأحمر العلاجية والوقائية، لكن البطيخ الذي نتكلم عنه هو البطيخ الطبيعي الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، ولم يصبه تغيير وراثي، ولم تستعمل في إنتاجه مبيدات أو مركبات لتحسين اللون، أو النمو السريع، ولا نريد أن تفهم نصائحنا كباقي النصائح، بدون أن نعطي معلومات متكاملة، فالبطيخ الأحمر ينفع كثيرا بعض الأشخاص المصابين بأمراض تتعلق بتراكم المركبات السامة في الجسم، وعلى رأسها سرطان البروستيت وعنق الرحم والثدي، لكن إذا وجد، ولا نظن أن الناس سيجيدونه بدون كيماويات. لأن الإنتاج بسرعة وبمردودية أصبح صعبا بدون مبيدات أو كيماويات.